احمد البريدينى المشرف العام
عدد الرسائل : 70 العمر : 34 الموقع : www.elboredeny.com العمل/الترفيه : ذكر الله فى المساء SMS : من يحبنى يتذكرنى يوم لا يذكر احد الجنسيه : ارجنتينى نقاط : 188 تاريخ التسجيل : 02/04/2009
| موضوع: فى هدي الحبيب الخميس أبريل 23, 2009 9:58 pm | |
| منهج نبوي في المزاح
إن العبادة الدائمة أو الذكر المتواصل أمل تهفو إليه النفوس الكبار، وتحوم حوله همم العظام، بيد أن النفس البشرية جبلت على الملل إن استمرت على أمر ثابت أو عمل متواصل، حتى ولو كان عبادة الله عز وجل، وفي الحديث: "خذوا من العمل ما تطيقون؛ فإن الله لا يمل حتى(21) تملوا"(22).
والمتأمل للأحاديث السابقة والمواقف المتقدمة يدرك هدي النبي صلى الله عليه وسلم في المداعبة والمزاح والترويح عن النفس حتى لا تمل، وقد بينها النبي صلى الله عليه وسلم صراحة للصديق رضي الله عنه حين دخل الصديق يوم العيد فوجد جاريتين تغنيان في بيت النبي صلى الله عليه وسلم فانتهرهما، فقال صلى الله عليه وسلم : دعهما يا أبا بكر، فإنها أيام العيد"(23). وفي رواية: "حتى يعلم يهود أن في ديننا فسحة"(24).
والذي يظهر من هذا كله: أن المزاح ليس محرما شرعا، ولا ممنوعا عُرْفا، وكذلك الضحك؛ إنما الممنوع الإكثار الذي تضيع معه الحقوق، ويُخرج به من الصدق إلى الكذب، ولله در أنس حين وصف النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "كان رسول الله من أفكه الناس"(25).
ولذا قال صلى الله عليه وسلم : "لا تكثر من الضحك" فقد منع من الإكثار، ولم يمنع أصل الضحك؛ بل هو في حديث أبي ذر المتقدم قال: "لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرًا"، فهو صلى الله عليه وسلم لم يمنع الضحك، إنما دعا إلى التقليل منه.
لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم خارجا عن الفطر السوية في فعل من أفعاله، أو قول من أقواله، ولقد صدق الأعرابي حين سئل عن سبب إيمانه بمحمد صلى الله عليه وسلم فقال: ما أمر بشيء واستقبحه العقل، ولا نهى عن شيء واستحسنه العقل.
ويحاول البعض أن يمنع الضحك بحجة هموم الدعوة، وهم الدين، بيد أن هذه حجة واهية، فلم يكن هناك، ولن يكون، من هو أكثر اهتماما بالدعوة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وليس هناك من تعددت لديه الواجبات كما تعددت لدى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلقد كان -بأبي هو وأمي- إماما للناس، ومعلما للخلق، ومفقها للدين، وحاكما بين الناس، وقاضيا بينهم، ومجيشا للجيوش، وباعثا للسرايا، كما كان أبا رحيما، وزوجا بارا، وأخًا ودودًا، وصديقًا وفيًّا، ومع هذا كله فقد كان صلى الله عليه وسلم ضحاكًا بسامًا، وتؤكد ذلك السيدة عائشة فتقول حين سألتها عمرة قالت: سألت عائشة كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خلا في البيت؟ قالت: ألين الناس، بساما ضحاكا"(26).
وفي رواية عند الترمذي في العلل: عن عائشة أنها سئلت كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خلا في بيته؟ فقالت: كان ألين الناس وأكرم الناس، كان رجلا من رجالكم، إلا أنه كان ضحّاكًا بسّامًا". ويقول أبو أمامة: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أضحك الناس، وأطيبهم نفسا"(27).
وقد يظهر التعارض بين الأحاديث فيزيله قول الإمام السيوطي: "كان من أضحك الناس" لا ينافيه خبر "أنه كان لا يضحك إلا تبسما"؛ لأن التبسم كان أغلب أحواله، فمن أخبر به أخبر عن أكثر أحواله، ولم يعرج على ذلك لندوره، أو كل راوٍ روى بحسب ما شاهد، فالاختلاف باختلاف المواطن والأزمان، وقد يكون في ابتداء أمره كان يضحك حتى تبدو نواجذه، وكان أخرى لا يضحك إلا تبسما(28). | |
|